في طريق العودة أسير وفقًا لخريطة ذهنية رسمتُها مسبقًا أتحاشى فيها الحارات والشوارع غير الممهدة وتلك التي فاضت مجاريها حتى أصل سالمًا إلى البيت، أجد نفسي كلما مشيت عدة أمتار أنظر إليه بحنان وإعجاب كأب ينظر إلى طفله الجميل.
لكني أشفق على ذلك الطفل من تراب حوارينا وشوارعنا فأقف في مداخل البيوت كل عدة شوارع وأخرج قطعة قطيفة زرقاء لأطبطب عليه وأمسح الغبار المريع عن مسامه ونقوشه فأساعده على التنفس، أشعر بالشفقة عليه لكأني جلبته من بلاده ليتجرع كأس الذل والمهانة؛ لتعذبه مطباتنا ولترجمه حجارتنا ولتتصيده حفر شوارعنا، هذه أرض لا ترحم أبناءها فهل ستترفق بالغرباء؟!
تُـــــــوتُـــــــو بِـــــــنـــــــي